من الذي أودع كل هذا الحزن في جيوب الليل؟ هل كان عابرًا غريبًا أم وجهًا مألوفًا يتسلل بمهارة في اللحظات الأخيرة من اليوم؟ 

حينما يلامس الليل قلبي برفق، يظهر وكأنه يتوارى بعيدًا، تاركًا خلفه ثقلاً لا يُحمل. كيف امتلأت جيوب الليل بهذا الثقل؟ كأن كل تنهيدة لم تجد ملجأ، فاختارت الاختباء بين طيات ظل نائم على نافذتي. 

لم أبح له بكل أسراري، بل كنت أستلقي في صمت، والدموع تتحدث بلغة لا يفهمها سوى نحن. هل ظن الليل أن قلبي ملك له، أو أن صمتي موافقة؟ 

كأن الحزن هدية قدمتها بيدي برضى، لكن في الحقيقة، ربما لم يدرك أنني، كلما حاولت نسيانها، كنت أدور في طرق أطول لأغرق في التفكير بها أكثر. 

ومع كل محاولة لدفن الكلمات في صدري، وُلِدت جملة جديدة على شفتي تخاطبها: "أنتِ السبب... أنتِ التي فتحتِ جيب الليل ووضعتني فيه ونسيتِ." 

لتمر اللحظات وكأنها تفك رموز لغة الدموع، فكان الحزن يستأنس الصمت وكأنه حوار سرمدي بين ليل وقلب يسكنه الحنين. 

عجبًا كيف للحظات السكون أن تحمل في طياتها هذا الكم من الشجن، لتتحول إلى مرآة تعكس أسرار القلب ومكنوناته التي لم تجد لها ميناء. 

ففي كل مرة أغمض فيها عيني، أجد نفسي محاطًا بأصداء تلك اللحظة، كأن قلبي يتحدث بلغة لا يسمعها أحد سواها، وتبقى الحقيقة الدافعة دائمًا للحزن مختبئة بين ثنايا الليل.

 لم أواكب ارتباكها.. حمقاء؛ كنت أرتشفها ببطء مخافة أن تنفد. 

تلك الماهرة التي أنسنت الجمال فلم يعد صفة للحسن بل كائنًا غالبًا. ألوم ذاتي أحيانًا وأصفح عنها أحيانًا أخرى؛ فكيف أحتمل من إذا حضرت اخضرت، وكلما تغنجت أججت، وحين أدبرت أظهرت؟ هاجمتني ذكرى يوم سهرت فيه أحفظ أشعار الأعشى وزهير لأغازلها، وعند اللقاء قلت: أنتِ كبطيخة بلا بذور، ضحكت، أعجبتها سذاجة التشبيه، يعجبها كل شيء، بسيطة تتعاطى الحياة بخفة، الآن أتناول البطيخ مزيلًا بذوره بضجر، لا تخلو لذة من كدر.. عداها. 

قطع منك فقدتها، قطع صارت عدمًا، وقطع تسير بجانبي متعبة. لم أجدكِ! 

فقدتكِ، ولا أعلم كيف أكمل الطريق! أبتكر طريقة لأعيدكِ من الماضي، أبحث عنكِ، عن أي شيء منكِ، لأصل. 

لا أعرف كيف أكمل المشي، اكتشفت أنكِ كنت قدمي، كنت أنتِ الطريق، وكنت الماشي فيكِ، فحاولت استعادتكِ لأتبعك في المسير!


  1. "من الذي أودع كل هذا الحزن في جيوب الليل؟ أكان عابرًا غريبًا أم وجهًا مألوفًا؟"

  2. "كيف امتلأت جيوب الليل بهذا الثقل؟ كأن كل تنهيدة لم تجد ملجأ."

  3. "لم أبح له بكل أسراري، بل كنت أستلقي في صمت، والدموع تتحدث بلغة لا يفهمها إلا نحن."

  4. "هل ظن الليل أن قلبي ملك له، أو أن صمتي موافقة؟"

  5. "ربما لم يدرك أنني، كلما حاولت نسيانها، كنت أدور في طرق أطول لأغرق في التفكير بها أكثر."

  6. "كلما سعيت لدفن الكلمات في صدري، وُلِدت جملة جديدة على شفتي."

  7. "أنتِ السبب... أنتِ التي فتحتِ جيب الليل ووضعتني فيه ونسيتِ."

  8. "الليل يلامس قلبي بلطف ثم يتوارى بعيدًا."

  9. "كأن الحزن هدية قدمتها بيدي."

  10. "الدموع تتحدث بلغة لا يفهمها إلا نحن."

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عقل ناطق بقلم الباحث و المفكر فادي سيدو