في عالمٍ يتنامى فيه الفوضى والاضطراب، يظهر الكون وكأنه يرتكب فعلًا غير مشروع بحق جدرانه المحيطة. تحت سطوة قوانين صارمة، يتعين على أكثر الناس بؤسًا الالتزام بمعايير تشوّه حقيقة إنسانيتهم، وكأنهم ضحايا لنظام لا يعترف بحقوق الفرد. وفي ممارسة مستهجنة أشبه بسفاح قربى، يقمع كل من يتجرأ برفع صوته في مواجهة هذا النظام القاهر. تتوالى المشانق والصُلبان، ويتسارع الجلادون لتعيين أنفسهم كوزراء نيابة عن الرب. لكن في سريةٍ، يتآمرون للانقلاب عليه والاستحواذ على كل الامتيازات الممنوحة له، مما يضعف سلطته ويجعلها هامشية، حتى يتلاشى تأثيرها بالكامل.
أسس النهضة الجديدة: بين التقليد والحداثة " آفاق الحداثة والفكر الكلياني " المقدمة الكليانية " totalitarianism " تعتبر ظاهرة سياسية جديدة ومميزة ظهرت في القرن العشرين، وهي لا تُعد مجرد امتداد حديث لصورة الاستبداد السياسي التقليدي أو نمطًا من الديكتاتورية بالمفهوم المألوف. تُشكل الكليانية نموذجًا مختلفًا وجديدًا تمامًا في الحكم، مما جعلها الحدث الأبرز والمميز للعصور الحديثة، حيث جاءت لتقويض الأسس النظرية والأدوات المفهومية التقليدية التي كنا نعتمد عليها في فهم الأنظمة السياسية. يختلف هذا النظام في بنيته وآلياته، حيث يسعى للسيطرة المطلقة على كافة مفاصل الحياة في الدولة من خلال احتكار السلطة والهيمنة على جميع جوانب المجتمع، بما فيها السياسية والاقتصادية والثقافية. وعلى الرغم من تفرده وحداثته، إلا أن تأثيره الكبير على الفهم السياسي والأنظمة الحاكمة يفرض ضرورة تحليل معمق ودراسة مستفيضة لفهم خصائصه وآثاره. تشكل الظاهرة الكليانية والحداثة محورين مركزيين في الفلسفة الحديثة وتحدياتها. هل يمكن حقًا ربط الكليانية بالحداثة باعتبارها أفقًا تاريخيًا وفكريًا؟ وهل يمكن أن نجد الحل ...
تعليقات
إرسال تعليق