في لحظات الاندفاع نحو المجهول، يأتيك صوت الحكايات مغسولاً بماء الوطن الضائع، ليسرد لك تفاصيله بنفس متهدهة، وكأن البكاء الذي يملأ الأرجاء هو سخاء الخبز المفقود في زوايا الحارات القديمة. لا مجال للعودة إلى الطفولة والمشهد الأول؛ إذ تُخفي القهقهات وراءها مذابح الأحلام عند الأعتاب. نحن مملوءون بفضول الحياة، نتحسس كل بداية جديدة بحثًا عن إجابات تسكن الأسئلة المتراكمة. أحيط نفسك بنيتِك وأحيطك بضعفٍ كي أجرؤ على ملامسة الصوت الداخلي، بينما يشغلني رهان الاختفاء، حيث أستعد للهجرة نحو شهادات الظهور المفعمة بالوضوح. أقف على مفترق الإرادة، مختنقًا بين الجهات، أرثي ضياع الهوية داخل محنة الظل الذي يحتضن بكاءً كثيرًا. الرثاء يحزنك، ومع ذلك تتقدمه لتسرد الحكاية بنفس مفعمة بالتساؤل، تقودها المياه نحو مستقبل غامض. سيأتيك مغلفًا بالإرادة والمغامرة، متأهبًا لمبارزة الضياع داخل الظل واكتشاف ما تخفيه الأيام من أسرار وأماني مدفونة.

بين أرجاء الحياة المليئة بالتجارب والتحديات، نبحث عن ذلك الدفء المفقود والجدران التي كانت تتردد بينها صدى ضحكاتنا الممزوجة بالدموع. حين تحتضننا حكايات الماضي، نشعر بالطمأنينة والأمان الذي يفتقده الوطن الغائب، لنغوص بذلك في أعماق الذاكرة والمشاعر، باحثين عن مفتاح الحرية وسط أمواج التجارب البشرية. غمرة الأسئلة ونبض الخفية تدفعنا دائمًا نحو اكتشاف ذواتنا وإعادة بناء الآمال من رماد الذكريات. في كل رحلة، نحمل أجزاء من طفولتنا، ونعود إلى البدايات بنظرات جديدة نستلهم منها خطواتنا التالية. الوطن، على الرغم من آلامه، يغسل أرواحنا بأمل يبعث فينا ميلادًا جديدًا، تروى من خلاله قصص تنسج مستقبلاً مشرقًا يعلو بسواعدنا وبصيرتنا. الدموع التي تفيض من قلوبنا، رغم صمتها، تتحدث بلغات الأوجاع المخبوءة، مؤكدة على الرباط المتين الذي يربطنا بالأرض والهوية.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عقل ناطق بقلم الباحث و المفكر فادي سيدو