تضاريس الوجود: مفارقة الغريزة والعقل في مسيرة الإنسان


هل نأتي إلى العالم بفعل الغريزة أم العقل؟ يعتبر هذا السؤال من عمق الجدليات التي تطرق أبواب الفلسفة وعلم النفس، وهي تستدعي التفكير في أساس الوجود الإنساني وطبيعته. عند التفكير في كيفية قدوم الأطفال إلى هذا العالم، يبرز السؤال: ماذا لو كانت دوافعنا لإنجاب الأطفال محكومة بالعقل الصرف فقط، هل كان العرق البشري سيوجد؟

إذا نظرنا إلى الموضوع من زاوية إنسانية بحتة، نجد أن العقل يدعو إلى التفكير في مستقبل الأجيال القادمة والتساؤل حول ما إذا كان بإمكاننا إعفائهم من عبء الوجود ذاته، وهو التفكير ذاته الذي قد يجعل الأمر يبدو كأنه عبء لا مفر منه. فمن منطلق العقلانية البحتة، من الممكن أن يختار الإنسان عدم فرض ثقل الحياة وتحدياتها على جيل جديد بدم بارد.

ولكن، في المقابل، تأتي الغريزة باعتبارها قوة محركة لا يمكن تجاهلها. الغريزة تدعو إلى الحياة والتكاثر، وهي جزء لا يتجزأ من طبيعة الكائنات الحية، بما في ذلك البشر. بفضلها، استمر الجنس البشري عبر القرون، ولم يتوقف بسبب محض عقلانية التفكير.

تضارب في الإنسان قوتان: غريزة الحركة نحو الحياة والتعدد مقابل عقله المفكر والمتسائل. وفي هذا التضارب نفسه، نجد تجليات الحياة وسحر استمرارها. فالإنسان، بفعل مزيج غريب من الغريزة والعقل، يخطو نحو المستقبل، مواجهًا تحديات الوجود بحكمة وحنكة.

في النهاية، يمكن القول إن تضاريس الوجود تتشكل من التوازن بين الغريزة والعقل، حيث يسعى الإنسان دومًا إلى صنع مستقبل أفضل، حتى ولو بدت الطريق مليئة بالتعقيدات والتساؤلات. هذا هو جوهر الوجود، وبه يتشكل التاريخ البشري.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عقل ناطق بقلم الباحث و المفكر فادي سيدو