في عُمق الفَهم الدِّيني الحقيقي يتجلى جوهر الشرائع السماوية، الذي يشكِّل رُكناً أساسياً لدعوة جميع الأنبياء والرسل، مؤكدين على أن الدين ليس مجرد طُقوس أو عادات، بل هو الإيمان العميق والعلاقة الحقيقية بالحقيقة الإلهية. فالأشخاص الذين يظنون أنهم قد بلغوا ذُروة التدين باقتصارهم على الممارسات الشكلية دون التعمق في الفهم الجوهري، يظلُّون عُرضة للانحراف نحو عقائد المذاهب الظالمة والتمسك بأفكارها المضللة. إن الاعتقاد السطحي والتمسك بالقشور دون الغوص في المعاني العميقة للوحي يجعل الإنسان يتخذ قرارات قد تؤدي به إلى الاقتراب من مواطن الكفر والضَلال. ولكن الله برحمته يربط قلوب العباد السالكين بدوامات لطفه الخفي، مُوجِّهاً إياهم نحو الثبات على الحقيقة من خلال القول المحكم الذي لا يميل ولا يتبدل. وهذا يُؤكّد على أهمية السعي وراء الوصول إلى جوهر الدين وتحصين الذات بصحة الفكر، بعيداً عن انزلاقات الدعوات المشوهة والمضللة.


إن الشريعة المسيحية تُعتبر أكثر روحانية من الشرائع السابقة نظرًا للطبيعة الروحية العميقة التي أتى بها السيد المسيح (عليه السلام). في حين أن النبي موسى (عليه السلام) دعا قومه للالتزام بالشريعة الظاهرة وحذرهم من عبادة الأصنام وصناعة التماثيل، إلا أنهم تمرّدوا وأنكروا الرسالة، مما أدى إلى فرض العبودية عليهم وتكثيف مطالب الشريعة. بالمقابل، أُرسل السيد المسيح برسالة تدعو إلى الباطن الروحي بدلاً من المظاهر الخارجية، حيث دعا الناس للسير في البر أمام الله، محاولًا أن ينقذهم من شرور الحياة. فقد أعطى السيد المسيح تعاليم ركزت على تطهير القلب وليس الجسد فقط، مشيرًا إلى أن الطقوس الظاهرية مثل الصوم والصلاة مع عدم إخلاص النية لا تُقبل عند الله. وهذا يتماشى مع رؤية الإمام علي (عليه السلام) الذي أكد أن جوهر العبادة هو الإخلاص والنية الخالصة لله وحده. الإشارة إلى تعاليم موسى التي تضمنت شريعة لها صرامة أكثر لتقويم السلوك قالت إن المسيحية جاءت بالأمانة والمودة، مقررةً حقوق الأكل والشرب وفق شهوات النفس بشكل معتدل، على العكس من القيود التي فُرضت على اليهود بسبب عصيانهم. هذا التناغم بين القلب والعمل يعكس روحانية الشريعة المسيحية التي تسعى إلى تحرير الإنسان من القيود المادية والارتقاء بروحه في محبة الإله وتطبيق التعاليم بشكل داخلي عميق.


الشريعة المسيحية تُعتبر أكثر روحانية من الشرائع السابقة نظرًا للطبيعة الروحية العميقة التي أتى بها السيد المسيح (عليه السلام). في حين أن النبي موسى (عليه السلام) دعا قومه للالتزام بالشريعة الظاهرة وحذرهم من عبادة الأصنام وصناعة التماثيل، إلا أنهم تمرّدوا وأنكروا الرسالة، مما أدى إلى فرض العبودية عليهم وتكثيف مطالب الشريعة. بالمقابل، أُرسل السيد المسيح برسالة تدعو إلى الباطن الروحي بدلاً من المظاهر الخارجية، حيث دعا الناس للسير في البر أمام الله، محاولًا أن ينقذهم من شرور الحياة. فقد أعطى السيد المسيح تعاليم ركزت على تطهير القلب وليس الجسد فقط، مشيرًا إلى أن الطقوس الظاهرية مثل الصوم والصلاة مع عدم إخلاص النية لا تُقبل عند الله. وهذا يتماشى مع رؤية الإمام علي (عليه السلام) الذي أكد أن جوهر العبادة هو الإخلاص والنية الخالصة لله وحده. الإشارة إلى تعاليم موسى التي تضمنت شريعة لها صرامة أكثر لتقويم السلوك قالت إن المسيحية جاءت بالأمانة والمودة، مقررةً حقوق الأكل والشرب وفق شهوات النفس بشكل معتدل، على العكس من القيود التي فُرضت على اليهود بسبب عصيانهم. هذا التناغم بين القلب والعمل يعكس روحانية الشريعة المسيحية التي تسعى إلى تحرير الإنسان من القيود المادية والارتقاء بروحه في محبة الإله وتطبيق التعاليم بشكل داخلي عميق.


تتطلب مسائل التجلِّي والفهم العميق لها تمييزًا دقيقًا بين الجوهر الإلهي والأعراض المتجلّية. لا يجوز الخلط بينهما؛ فالأعراض التي قد تُشير إلى التجلِّي لا يمكن أن تعكس أو تحصر جوهر الإله في مفاهيم عقلانية أو حسية. التجلِّي يكون إثباتًا لوحدانية الله وسموه، وليس بغية تثبيت تشبيه جوهر الإله بأعراض العالم المخلوق، بل هو دعوة للسمو بأفكارنا عن الكينونة الإلهية بعيدًا عن التقييد والحدود البشرية. الفهم العميق لهذا المبدأ يتطلب منّا إدراك أن الله يتجاوز مفهوم الزمان والمكان، فهو الخالق الذي لا تُقاس عظمته بمقياس البشر ولا تُحدد بحدود الكون الذي أوجده. إن الإفراد بجوهر الإله عن أي تشبيه أو مقارنة ليس نفيًا لوجوده أو تنكره، بل هو تعظيم وتأكيد على تفرده وقدسية جوهره، ونزه عن الدخول في نطاقات الزمن والمكان التي هو منشأها وموجدها. كيف نفكر في حصره بمفاهيم نتاجها لا يمكن أن يوجد دون إرادته وقدرته؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عقل ناطق بقلم الباحث و المفكر فادي سيدو