بعد أن رَجمَ وسواسه
في مدينة صغيرة حيث كانت الغيوم تتشابك في سمائها الرمادية كأفكار العابرين، عاش رجل يُدعى سامر. كان سامر مُطارَدًا بوساوسه التي لم تكن تترك لهُ مجالًا للتنفس. كانت تزوره في النوم واليقظة، تُربكه، وتجعله يتشاجر مع ذاته بلا هوادة.
لكن في إحدى الليالي بدأ شيء ما يتغير. جلس سامر في غرفته المظلمة، مع انعكاس ضوء القمر على زجاج نافذته، وبدأ يتفكر في حياته. تساءل عن السبب الذي يجعله يشعر بثقل هذه الوساوس، وكيف يمكنه التخلص منها. فجأة، وعلى غير المتوقع، شعر بتدفُق من السكينة يغمر قلبه. كانت لحظة لم يكن يتوقعها، شعاع من اليقين اخترق جدار قلقه.
بهذا اليقين الجديد، بدأ سامر في إصلاح ما بينه وبين مولاه. صلى لأول مرة بإخلاص لم يعرفه من قبل، وبكى في سجوده، طالبًا الهداية والسكينة. كانت تلك اللحظات مقدسة في قلبه، وكأن جبالا من الهموم أُزيلت بضربة واحدة من الأمل.
حينها، أكرمه الله ببطانة من الأصدقاء الصالحين الذين ظلوا بجانبه، يشدّون من أزره وينيرون له الطريق القويم كلّما شعر أنه قد يزلّ. تمكن من بناء علاقات جديدة مبنية على الاحترام والثقة، فوجد أن الأمور بدأت تستقيم أمامه، وكأن كل شيء يقع في مكانه الصحيح.
ومع مرور الأيام، بات سامر قادرًا على توجيه حياته بنفسه. قرر أن يثق بقدراته وأن يُعَزز من شخصيته ليواجه مشاكل الحياة بقوة وثبات. وفي خطوة جريئة، أوعز للذئاب -وهي الوساوس- أن تحرس القطيع -وهو قلبه وعقله-. كانوا أعداءه في السابق، ولكن بتحويل نظرته، أدرك أنهم يمكن أن يكونوا حُماته.
نجح سامر في رحلته، وبدون أن يدري، أصبح مصدر إلهام لكثيرين حوله. كانت قصته ليست فقط عن النجاة، بل عن التحوّل والتغلب على أعمق المخاوف بالسلام والإيمان. كُلّما كانت الحياة تُلقي إليه بدروبٍ شائكة، كان يبتسم، لأنه أصبح يعرف الآن كيف يركن إلى يقينه ويحيل الذئاب إلى حُماته.
تعليقات
إرسال تعليق