على مر العصور، ظل البحر يحمل في طياته أسرارًا تتجاوز حدود الزمن، حيث تلعب الأمواج دور الفنان الصامت الذي يحوّل الأحياء المفقودة إلى لآلئ براقة تحتضن قاع البحر. يشهد هذا العالم السفلي عملية تحول مدهشة، حيث تفنى الكائنات في دورة الحياة، لكنها تتجدد في هيئة روائع طبيعية تتحدى الفناء. تُلقي الأحياء المتحللة بأنفسها في الأعماق، لتعيد تشكيل جوهرها في أشكال جديدة تنبض بالجمال، تنتظر من يكتشفها ومن ثم يقدّر قيمتها. هذه التحف الفنية التي يصنعها البحر من مخلوقاته تصمد أمام الزمن، مما يعكس قدرة البحر على منح الحياة الأبدية بطرق مبتكرة. وهكذا، يصبح البحر كناية عن التجدّد والأمل، حيث لا يمثل الموت نهاية، بل بوابة لبداية جديدة حيث تتحول الفناء إلى جمال خلاب في هيئة لآلئ تتلألأ بانتظار صياد ماهر يكتشفها. هذه القدرة التحويلية للبحر تجعله رمزًا للعظمة والخلود، وتتحدى مفهوم الزمن بقدرته على إعادة بعث الحياة من رمادها.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عقل ناطق بقلم الباحث و المفكر فادي سيدو