عندما كان أبي طفلاً . كان يتسلل نحو سياج حديقة أبيه مخاطرا بتلقي العقاب، على ذلك ليتبادل الحديث مع الفقراء، ومرضى مستشفى عفرين أو قرية المعبطلي، يخالط الفلاحين محاولاً أن يكسب حبهم، كان يساعد الفلاحين الفقراء في أعمالهم الزراعية. فيما بعد ساعدته هذه العلاقات الأخوية في دراسة فقراء عفرين  في مطاعم حلب وحاناتها الحقيرة، حيث راح يلعب معهم البلياردو ويدعوهم إلى الشراب، في هذا الوقت كان يسعى للتعرف على مكنون أنفسهم وأن يجتلي أسرارهم. كان أبي يدرك أنه لن يحصل على أي معلومات عنهم، إذا ما اكتفى بقضاء وقته في صالونات علية القوم. في صحبة أناس مستحمين يفوحون عطرا، يرتدون فاخر الثياب وربطات العنق على أحدث موضة، رؤوسهم فارغة وأرواحهم خاملة وقلوبهم خامدة.  إن كل كاتب ينبغي أن يكون مرتبطا بالشعب، بالبسطاء، الذين تلقوا تربية حسنة علمتهم ألا يخفوا آلامهم في عبارات فارغة. لقد علم الفلاحون أبي أكثر مما علمه أصدقائه الحلبين، وكذلك استمد مثقفي الكرد أكثر أفكارهم أصالة من الفلاحين . الذين كان يخرج معهم للصيد أكثر من أصدقائه العرب. كان أبي أيضا مرتبطاً بالفقراء وقد سعى منذ طفولته في البحث بشكل غريزي عن وسيلة للاقتراب منهم .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عقل ناطق بقلم الباحث و المفكر فادي سيدو