Med Maghouti
بدافع الفضول ومن اجل تشكيل فهم شخصي لأبعاد ودلالات الجدل الذي أثاره؛ شاهدت الليلة الماضية الفيلم السينمائي الهندي the goat life.
قصة الفيلم يعرفها الجميع، فقد أصبح يحتل الترند العالمي في بورصة السينما، وتحول إلى قضية رأي عام بأسئلة حقوقية وبدوافع سياسية واجتماعية ودينية وإنسانية... لذلك فإن الضجة التي آثارها فيلم "حياة الماعز" لها ما يبررها حقا، وإن كانت القصة تتوقف عند حالة قد يقول البعض بأنها معزولة.... لكن سلوك الكفيل الذي يعريه الفيلم امام المشاهدين هو تعبير عن ثقافة متجذرة في نمط حياة مجتمع بلاد نجد... الفيلم يلقي الضوء على حياة فئة من العمال الذين يهاجرون إلى هناك وهم محملون بكثير من الآمال والأحلام الوردية، لتتحول إلى كابوس حقيقي تحت رحمة سوط وصوت الكفيل في نظام استعبادي، يصبح بموجبه العامل ملكا لهذا الكفيل، يفعل به ما يشاء، ولا مجال له أبدا للاحتجاج او السعي لتحسين وضعيته...
عند مشاهدتي للفيلم كنت اعتقد مع كل مشهد أن القسوة والألم قد بلغا منتهاهما، لكن المشاهد تتوالى، اما لحظات المعاناة والفظاعة فلا تنتهي ابدا... فأيها أكثر إيلاما وقسوة على المشاعر الإنسانية:
✔️ - هل هي اللحظة التي قرر خلالها الكفيل أن يفصل "نجيب" عن مرافقه "حكيم" في الليلة التي وصلا فيها إلى المكان المفترض لعملهما وسط الصحراء؟.
️✔️- هل هي لحظة استفساره عن اسم الشيخ الهندي؛ راعي الماشية عند نفس الكفيل؛ دون ان يسمع جوابا لأن الشيخ نسي اسمه؟
✔️️- هل هي اللحظة التي كان يغسل فيها " نجيب" بالماء بعد قضاء حاجته لينهره المشرف " العربي" على زريبة الماشية بالرفس والركل؟
✔️- هل هي لحظة سقوطه مغشيا عليه بعد ما ضربه سيده بعقب بندقيته على رأسه، وسافر في احلام نقلته من حاضره في قحط الصحراء إلى ماضيه في الهند حيث الخضرة والمياه الوفيرة؟.
✔️- هل هي لحظة عثوره على جثة الشيخ تنهشها الصقور في الصحراء، ومحاولته إبعادها عن الجثة دون جدوى؟.
✔️- هل هي اللحظة التي رأى وجهه لأول مرة منذ وصوله إلى الموقع في مرآة إحدى السيارات المستعملة لنقل علف الماشية؟.
✔️- هل هي اللحظة التي جثا فيها على ركبتيه بجانب الغنم والمعز ليروي عطشه من نفس حوض المياه المخصصة للبهائم؟.
✔️- هل هي اللحظة التي التقى فيها صدفة بمرافقه السابق " حكيم" لأول مرة بعظ سنوات من الفراق؟.
✔️- هل هي رحلة العذاب في الهروب الطويل بمعية حكيم وصديقه ابراهيم الإفريقي؟
✔️- هل هي لحظة موت حكيم بسبب العطش الشديد وسط صحراء لا نهاية لها؟.
✔️- هل هي اللحظة التي استفاق خلالها من النوم في الصحراء دون ان يجد أثرا لإبراهيم الذي رحل دون وداع تاركا وراءه قارورة ماء تدعو نجيب لاستكمال رحلة الأمل؟.
✔️- هل هي اللحظة التي وقف خلالها كفيله أمامه عندما اصطف داخل سجن سعودي مع عشرات السجناء الآخرين الفارين من كافليهم قصد التعرف عليهم واعادتهم للمالك؟
هل .....؟ هل... ؟ هل......؟
مع كل سؤال من هذه الاسئلة يقدم الفيلم كثيرا من الرسائل الواضحة والمشفرة التي يقراها المشاهد من زوايا مختلفة، لكن بشعور واحد مفعم بالمرارة والأسى.
مشاهد القسوة والغبن والظلم والإذلال والمعاناة والألم والعبودية لا تنتهي... وقد نجح الفيلم في فضحها بالصورة أكثر من الصوت، حيث مساحة التعبيرات الجسدية تطغى على مساحة الحوار اللفظي...
هذا الجحيم لم يكن بالتأكيد جحيم نجيب وحده... ويجب أن يكون للفيلم ما بعده... لابد من إنقاذ المستعبدين بنظام الكفيل من حياة الماعز التي يعيشونها في ارض البترودولار.
تعليقات
إرسال تعليق