يَا طَائِرَ الْبُلْبُلِ الْعَزِيز، لَا تَفْقِدِ الْأَمَلَ فِي غَدٍ أَجْمَلَ وَأَفْرَحَ. فَكَمَا تَشْرِقُ الشَّمْسُ بَعْدَ كُلِّ لَيْلَةٍ، كَذَلِكَ سَتَكُونُ أَيَّامُكَ الْقَادِمَةُ مُضِيئَةً بِنُورِ الأَمَلِ وَالْفَرَحِ. إِنَّ الْحَيَاةَ تَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهَا كَثِيرًا مِنَ التَّحَدِّيَاتِ وَالْمَصَاعِبِ، وَلَكِنْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ تَتَغَلَّبُ عَلَيْهَا تَزْدَادُ قُوَّتُكَ وَحِكْمَتُكَ.

تَذَكَّرْ أَنَّك لَسْتَ وَحْدَكَ فِي هَذِهِ الرِّحْلَةِ، فَالطَّبِيعَةُ تُحِيطُ بِكَ وَتُقَدِّمُ لَكَ مَا تَحْتَاجُهُ مِنْ دَعْمٍ وَرَاحَةٍ. انْظُرْ إِلَى السَّمَاءِ الزَّرْقَاءِ وَالأَشْجَارِ الْخَضْرَاءِ، تَذَكَّرْ أَنَّ فِي كُلِّ زَهْرَةٍ تَتَفَتَّحُ أَمَلًا جَدِيدًا. دَعْ صَوْتَكَ الْعَذْبَ يَتَرَنَّمُ فِي أَرْجَاءِ الْبُسْتَانِ مَجَدَّدًا، وَاتْرُكْ قَلْبَكَ يَنْعَمُ بِالسَّلَامِ وَالطُّمَأْنِينَةِ.

يَا طَائِرَ الْبُلْبُلِ، لَا تَتْرُكِ الْحُزْنَ يُعَكِّرُ صَفْوَ أَيَّامِكَ، فَإِنَّ الْحَيَاةَ فِي تَجَدُّدٍ دَائِمٍ، وَمَعَ كُلِّ فَجْرٍ جَدِيدٍ يَأْتِي مَعَهُ فُرْصَةٌ جَدِيدَةٌ لِلْفَرَحِ وَالْأَمَلِ. تَمَسَّكَ بِالأَمَلِ وَدَعْ رُوحَكَ تَحْلِقُ فِي سَمَاءِ الْأَمَانِي وَالْأَحْلَامِ.

أَمَّا أَنَا، سُلْطَانُكَ الْجَمِيلُ (فادويه)، فَسَأَكُونُ دَلِيلَكَ وَمُرْشِدَكَ فِي هَذِهِ الرِّحْلَةِ. سَأَخُذُ بِيَدِكَ وَأُرِيكَ الطَّرِيقَ إِلَى الحَدِيقَةِ الْمَفْقُودَةِ، وَسَتَجِدُ فِيهَا مَا يُرِيحُ نَفْسَكَ وَيُعِيدُ لَكَ قُدْرَتَكَ عَلَى الْغِنَاءِ. لَا تَخَفْ، فَإِنَّ النُّورَ سَيَأْتِي وَالطَّرِيقُ سَيَتَضَحُّ، وَسَتَكُونُ أَجْنِحَتُكَ قَادِرَةً عَلَى الطَّيَرَانِ مَرَّةً أُخْرَى بَيْنَ زُهُورِ الْوَرْدِ. إنَّ مَسْعَانَا ذَا مَسَارٍ وَاضِحٍ، وَمَعَ كُلِّ خُطْوَةٍ سَنَعْبُرُ عَقَبَاتٍ وَنَتَجَاوَزُ أَزْمَاتٍ بِيَقِينٍ وَثِقَةٍ. فِي هَذِهِ الحَدِيقَةِ، سَتَجِدُ مَكَانًا مُخْصَبًا لِلْتَّجْدِيدِ وَالإِلْهَامِ، يَحْتَضِنُ هُمُومَكَ وَيُحَوِّلُهَا إِلَى أَنْغَامٍ جميلة.

إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ بِكُلِّ اِحْتِرَام وَاِعْتِرَاف بِفَضْلِكَ، جِئْتُ إِلَيْكَ طَامِعًا فِي حِكْمَتِكَ وَرَأْيِكَ السَّدِيد. إِنَّكَ سُلْطَان الرِّجَالِ، الَّذِي أَبْهَرَ جَمِيع مَنْ عَرَفَكَ بِعَدْلِكَ وَتَفَانِيكَ فِي خِدْمَةِ الْنَّاسِ. أَحْتَاجُ إِلَى مَعُونَتِكَ، أَشْكُو عِلَّتِي وَأَسْتَمِدُّ مِنْ قُدْرَتِكَ عَلَى تَشْخِيصِ الْمَشَاكِلِ وَعِلَاجِهَا بِدِقَّة. كُلِّي أَمَلٌ فِي سَدَادِ رَأْيِكَ وَحِرْصِكَ عَلَى خَيْرِ الْكُلِّ، آتِي إِلَيْكَ بِقَلْبٍ يَتْمَنَّى الشِّفَاءَ وَبِالنَّفْسِ الَّتِي تَحْتَرِمُ قُدْرَتَكَ وَتَثِقُ فِي عَدْلَكَ.

جِئْتُ إِلَيْكَ، وَفِي نَفْسِي تَسْكُنُ قَناعَةٌ تَامَّةٌ بِأَنَّكَ الطَّبِيبُ، لُقْمَانَ الْحَكِيم، العَالِمِ بِأَسْرَارِ الْأَلَمِ وَالْفَرَحِ، وَالْقَادِرِ عَلَى مَنْحِ السَّلَامِ وَالِإشْتِفَاءِ بِكَلِمَةٍ وَبَلسَمٍ نَابِعٍ مِنْ قَلْبٍ رَحِيم. يَا مَنْ تَحْمِلُ فِي دَاخِلِكَ عِلْمَ الْحَكَمَاءِ وَرَفْقَ الرُّحَمَاء، أَمَلِي أَنْ تَكُونَ لِي عَوْنًا فِي هَذِهِ اللَّحْظَاتِ الْعَصِيبَةِ، وَأَنْ تَكُونَ سَبَبًا فِي تَحْسِينِ حَالَتِي وَإِعَادَةِ الِابْتِسَامَةِ إِلَى وَجْهِي.

فِي كُلِّ لَحْظَةٍ أَحْتَاجُ فِيهَا إِلَى الْقُوَّةِ وَالْإِرْشَاد، أَتَذَكَّرُ أَنَّكَ هُوَ الَّذِي تَسْتَطِيعُ أَنْ تَمْدِّنِي بِهِمَا. فَأَنْتَ الَّذِي تَفْهَمُ مَعَانِي الْحَيَاةِ وَتُدْرِكُ عُمْقَ الْمَشَاعِرِ، وَبِقُدْرَتِكَ عَلَى التَّفْكِيرِ السَّلِيمِ وَالرُّؤْيَةِ الثَّاقِبَةِ، يُمْكِنُكَ أَنْ تَكُونَ لِي نِعْمَ النَّاصِحِ وَالْمُرْشِدِ فِي طَرِيقِي نَحْوَ الشِّفَاءِ وَالسَّعَادَةِ.

احترقتُ على يديِّ العِشْق وكأن نيرانَ الحُبِّ قد أضرمت في قلبي، حتى باتت تحرقني وتلهث نفسي من شدتها. هذا الغرام الجامح أصبح مزيجًا من اللوعة والشجن، حيث تحول كَبِدي إلى لَحْمٍ مَشْوِيٍّ على موقد الأحاسيس الذي لا يرحم. إنَّ ذلك العشق الذي يعصف في داخلي قد استحوذ على كل شراييني، فلا تستغرب من هذا الشغف الجارف الذي يجعلني أُبصرُ حُسنَ جَمالك بعيونٍ لامعة. أرى فيك أيها المخملي جمالًا فريدًا، مُتأكدًا من روعة هذا السحر الذي لا يذبل ووقارِ هذا الحُب الأَبدي. أحتضن هذه المشاعر بكل رحابة، لأنها تعبر عن صدق ينبع من أعماق الروح، ولا يعرف قلبٌ إنكاره.

اُنْظُرْ إِلَى العبد فادويه وَآهَاتِهِ. إِنِّي خَضَعْتُ لِسُلْطَانِ السَّلَاطِينِ. عِنْدَ عَتَبَةِ بَابِ الْأَوْلِيَاءِ. جِئْتُ لِتَسْلِيمِ نَفْسِي كَقُرْبَانٍ في هذا المشهد الروحاني البليغ.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عقل ناطق بقلم الباحث و المفكر فادي سيدو